بشائر النصر والأمل في التغير

وبعد انَّ حرص النظام على طول عقود في زرع الاوهام بانَّهم يبنون المجد ويزرعون الكرامة, فلما افاق الشعب لم يجدوا مجدا اقيم ولا كرامة بقيت, بل أفاقوا على ارثٍ من الفساد والنهب, وارث من الظلم والظلام .

افاق المصريون فخرجوا طيلة الثمانية عشر يوماً وكل أملهم وطن بلا ظلم ولا فساد, وطن بلا تمايز ولا اضطهاد, وطن يعم فيه العدل والحرية

وطن ينعم بخيراته كل ابنائه .

ثمانية عشر يوماً خرجوا بصدور عارية لا يملكون إلا هتافاتهم متمثلين قول النبي صلى الله عليه وسلم: “أَفْضَلَ الْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ

جَائِرٍ”

ثمانية عشر يوماً ضربوا فيها أروع الامثلة في التضحية والفداء من أجل أوطانهم, فلم يثنيهم سقوط الشهداء من أول يوم, ولا زحف المجرمين يوم موقعة الجمل, وامام اعينهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “ سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله”

ثمانية عشر يوماً تكاتف فيها المصريون, فشكلوا اللجان الشعبية لحماية ممتلكاتهم وبيوتهم بعد انسحاب الشرطة المهين وانتشار البلطجية لترويع الآمنين, وكيف لا وهم الذين تربوا على حديث النبي صلى الله عليه وسلم : “لا يَدْخُلُ الجنَّة مَنْ لا يأْمَنُ جارُهُ بوَائِقَهُ” : ” المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا”

ثمانية عشر يوماً اثبتوا لمن يلعب على وتر التفرقة الدينية والمذهبية والحزبية انَّ المصريين يدا واحدة, فهاهو الشباب المسلم يحمي الكنائس, والاقباط يحمون المسلمين وهم يصلون في الميدان, وتتشابك ايادي الاسلامي مع الليبرالي والعلماني مع الاشتراكي فيشكلون لوحة فنية ما اجملها وما اروعها “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا”

ثمانية عشر يوماً اظهر المصريون اصالة معدنهم, وجمال اخلاقهم, وإصرار عزيمتهم وقوة تنظيمهم, فوقف العالم إجلالا واكباراً لثورتهم,

حتى اجبروا القوة العالمية علي التخلي عن كنزهم الاستراتيجي مبارك وهاهو يتنحى مجبرا تحت هدير اصوات المصريون .” ارحل

ويحلم المصريون  بجني ثمار ثورتهم ببدأ التغير والامل في التعمير

حتي اصبحت الثمانية عشر يوماً من أجمل ما صنع المصريون منذ عصور لا يعيب تلك الايام ما حدث من انتكاسات اظهرت العورات. ولكن تبقي تلك الايام هي الملهمة لعبقرية المصريين والأمل المتجدد في التغير. ويبقى حلم المصريون في جني ثمار ثورتهم باقيٍ رغم المحن وشدة إسوداد الليل  فحقائق اليوم احلام الأمس واحلام اليوم حقائق الغد . “أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ”