يروي هذه القصة الحاج عباس السيسي فيقول :

” السيدة/ فاطمة عبد الهادي (37سنة): زوجة الشهيد محمد يوسف هواش، وكانت تلقي دروساً دينية للأخوات في السجن بصورة منتظمة وتعمل على رفع معنوياتهم.. ولا عجب في ذلك من زوجة شهيد.. وتلميذة الشهيد (حسن البنا) وهي تتمتع بروح إيمانية عالية جداً.. مع حماسة منقطعة النظير للإسلام.. ولقد زرتها (2004 م) وقد تخطت السبعين بكثير، ورغم ذلك لم يفتر حماسها أبداً.

لقد اعتقلوها لمزيد من الضغوط على زوجها الشهيد محمد يوسف هواش وتركت ابنتها سمية (11 سنة). وابنها أحمد (10 سنوات) وحدهما في المنزل.. لكن يقينها أن الله سيرعاهما لم يتزعزع أبداً، وكانت تعيش مطمئنة إلى كنف الله عز وجل.

ولبثت في سجن النساء ستة أشهر ثم أفرجوا عنها ثم استدعوها لزيارة زوجها قبل إعدامه باثنتي عشرة ساعة للضغط عليه وحثه على كتابة اعتذار لجمال عبد الناصر حتى يتم تخفيف حكم الإعدام عليه، ولكنه رفض وأبى، فقاموا بضربه على وجهه ضرباً مبرحاً ولكنه ثبت على موقفه.

وجلس مع زوجته وأولاده، ووجهه متورم من شدة الضرب، ثم تم تنفيذ حكم الإعدام عليه في فجر اليوم التالي.. وظلت في هذه الزيارة تشد أزره، وتقوي عزمه على الصبر حتى ينال الشهادة وهي تعلم أن الشهيد يشفع في سبعين من أهله.. فهنيئاً لها وله، ولقد حصل ولدها على الدكتوراه في الجراحة من لندن، وحصلت ابنتها على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة القاهرة.”

انظر كم كانت همتها عالية و يقينها بالله ثابت ، وكيف أخلف الله عليها بخير في أبنائها .

2-ويقول أيضا :” قالت الزوجة تتحدث مع الأخوات عن الطريقة التى كانت تعيش بها مع خمسة من الأولاد لأكثر من يومين.. كان مرتبى ثلاثين جنيها وهذا المبلغ لا يكفى لمدة أسبوع واحد – ولكنى استعنت بالله فى تدبير أمور المعيشة – فكنت أقوم بتربية الأرانب والبط بما يتبقى من فتات المائدة – فى جزء من البلكونة استعملته لهذا الغرض. وكنت أقوم بترقيد البط على أثنتى عشرة بيضة فتخرج منها اثنتا عشرة بطة وكذا الأرانب لم تمت واحدة وهذا من فضل الله.

كنت اشترى كيلو اللحم ليبقى عند الأسبوع بالكامل وأستعين معه بالبيض والبطاطس والسمك الصغير.

أما الملابس فكنت أقوم بعلاج الملابس القديمة للرجال فأعيد حياكتها وإصلاحها فتصلح للأولاد الذكور – كما كنت أقوم بعلاج الملابس النسائية بحيث تصلح للبنات مع شىء من التنسيق والتزويق بحيث يصعب على المشاهد أن يميز بين ماضيها وحاضرها .

ولما جاء أحد الأعياد طلب منى أولادى ملابس العيد.

فاشتريت جوالين من النوع الذى يشبه الصوف الأبيض وقمت بفك الجوال وعملت منه كرارية خيط وأضفت إليه نوعاً آخر من الخيط الملون ما بين أزرق أخضر وأحمر وصنعت منها بشغل الإبرة لكل واحد منهم شرزاً بحيث لا يمكن أن يفترق على الشرز الجديد كل ذلك لم يكلفنى أكثر من جنيه واحد ، هذا فضلا عن أننى كنت أدفع بعض أقساط للدروس الخصوصية وكذا علاج الأطفال فى حالة المرض الذى ظل يلازمنا فترة وجود والدهم فى السجن.

كل هذا رغم وجود المشاكل النفسية والإرهاق النفسى لما يحدث من ضغط من البوليس واستدعاء للقسم وغير ذلك”