التوبة “3”

إنَّ من أجلَّ الامور التي تجعل العبد يستفيد من هذه الايام المباركة. هي التوبة والإقلاع عن المعاصي والذنوب ، وإن كانت التوبة لازمة في كل وقت إلا أنَّها في هذه الايام أولى والإقبال عليه انفع .

ومن عظيم نعم الله على المسلمين أن فتح لهم باب التوبة ، التي لا يعادلها ملء الارض ذهباً . روى الإمام أحمد في مسنده “عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ أَنْ يَجْعَلَ لَنَا الصَّفَا ذَهَباً وَنُؤْمِنَ بِكَ. قَالَ: “وَتَفْعَلُونَ ” قَالُوا نَعَمْ.قَالَ فَدَعَا فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ:”إِنَّ رَبَّكَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَيَقُولُ إِنْ شِئْتَ أَصْبَحَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَباً فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَذَّبْتُهُ عَذَاباً لاَ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ لَهُمْ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ. قَالَ ” بَلْ بَابُ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ”

فتح الله لنا باب التوبة رحمة بنا، وفرح بالتآئبين وهو الغني عنا، وكان أرحم بنا من أُمهاتنا ونحن المقصرين في حقه، يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسئ الليل، ينادي ياعباي إنكم تخطئون الليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني اغفر لكم، سبحانه رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما، رحمته وسعت كل شيء وسبقت غضبه، من آوى اليه آواه، ومن سأله اعطاه،  ومن تاب اليه فرح به وهنَّاه، ورد في الاثر:إذا رجع العبد العاصي إلى الله “نادى مناد في السماوات والأرض أن هنئوا فلاناً فقد اصطلح مع الله”

وإن كان من ثمرات التوبة في الأخرة: مغفرة الذنوب، ودخول جنة الغفور، وإبدال السيئات بالحسنات . فمن ثمراتها في الدنيا: صقل القلوب، وذيادة في القوة والأموال والأولاد، ومحبة الخلق والخالق. فبالتوبة والرجوع إلى الله: تهدأ النفوس، وتطمئن القلوب، وتزيد الأرزاق، وتفرج الكروب، وتذهب الهموم، وتحلو الحياة وتطيبز

فما أجمل أن نتحلى في هذه الايام بالتوبة فهي منهج الأنبياء المعصومين، وطريق السلف الصالحين، وسبيل المذنبين الخطائين.