“إن النشاط التربوى  لم يتوقف على الرغم مما لاقت الحركة من الحذر والتحدى ، ولا غرو فإن التربية عندنا أشبه ما تكون بقطرة الماء التى تسيل أبدا من منبعها ، فهى لابد ملاقية أرضا صالحة ، ومنبتة نباتا صالحا ، على الرغم من كل العقبات والعراقيل … وماذا يمنع القطرة ـ فى هدوئها واستمرارها وإصرارها على أن تغادر منبعها ـ من أن تمضى فى طريقها وتجرف بنفس الهدوء والإصرار أعتى العقبات وأشد الحواجز ؟

    إن التربية عندنا تنبع من كتاب الله وسنة رسوله ، وتستعين بسير الصحابة والتابعين ، وتستهدى القدوة المعصوم r وسير الصالحين المجددين من أئمة الهدى على مر التاريخ الإسلامى كله ، وتتخذ من أولئك الرجال الذين بايعوا على العمل للإسلام فى ظل أركان البيعة المحفوظة لدينا ، المحفورة فى نفوسنا وسلوكنا من : فهم وإخلاص وعمل وتضحية وجهاد وطاعة وثبات وتجرد وأخوة وثقة ، تتخذ من أولئك الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى فى هذه الدعوة نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ـ تتخذ منهم مصابيح هدى فى الليل الحالك ، ومعالم حق فى دياجير الباطل ، وتمضى فى طريقها مستعينة بالله ، مسترشدة بآداب الإسلام وأخلاقه ومنهجه وشريعته .

    إن للتربية فى برامجنا أهمية قصوى لاتدنيها أهمية ، ولقد ادرك الأخوة منذ خطواتهم الأولى على درب العمل الإسلامى ، أن أمثل الطرق للإصلاح هلى طريقة تربية الأفراد وفق منهج الإسلام ونظامه ، للوصول بهم إلى الغاية وهى ؛ تكوين المجتمع المسلم ، فالأمة المسلمة ، فالدولة الإسلامية التى تحكم بما أنزل الله .

    ولقد بدا الإصرار على وجوب التربية والبدء بها منذ بداية التأسيس لهذا الصف المبارك ينادى بأن العمل يقوم على ثلاث مراحل  ، وكل مرحلة منها إنما تقوم على التربية . لذلك  التربية فى برامجنا لها عناية خاصة ، وجعلت من الأولويات الهامة فى عملنا  بل جعلوها عملا مستمرا لا يتوقف فى أى مرحلة من مراحل تاريخ هذا الصف المبارك  .

تكمن أهمية الاهتمام بالشأن التربوي، كون الداعية يتعرَّض للكثير من التحديات الخارجية والداخلية، وهي التي تحتاج منه أن يواجهها بنفس قوّية متينة، وإلا كان هذا الداعية ضحية للكثير من الأمراض، بل وربما أدَّى به إلى التساقط عن الطريق المستقيم لضعفه وقلة مناعته.

ولهذا، فإنَّ الاهتمام بالتربية الدعوية يؤدي إلى إيجاد الأفراد القادرين على تحقيق التغيير الشامل في المجتمع، بحيث يكون هؤلاء قدوة للآخرين، وعاملاً لمساعدة الناس على تحقيق النهضة بكافة أشكالها، سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية وأخلاقية وغيرها.

[منقول بتصرف من وسائل التربية]