قال تعالي: ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ (آل عمران: 139-140).

أيها الإخوان المجاهدون:

قبل قليل ألقت داخلية الانقلاب القبض علي الدكتور محمد عبد الرحمن المرسى عضو مكتب الإرشاد ورئيس اللجنة الإدارية المؤقتة ومجموعة من إخوانه وذلك في رسالة واضحة من هذا النظام الانقلابي أنه ماض في طريق الغي إلى نهايته، وأنه لن يتخلى عن ممارساته القمعية وسياساته الإرهابية في محاولة منه لتثبيت أركان الظلم والقهر والفساد والاستبداد بقوة الحديد والنار. ولم يتعلم هذا النظام من دروس التاريخ أن هذه الممارسات القميئة لا ترهب أصحاب الدعوات الذين باعوا أنفسهم لله تعالي، وعاهدوه أن يعيشوا في سبيله، وأن يموتوا في سبيله، وشعارهم: “الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن حجتنا والجهاد عدتنا والموت في سبيل الله أسمي أمانينا”. لم يتعلم هؤلاء الانقلابيون أن أصحاب الدعوات شعارهم: “سجني خلوة، ونفيي سياحة، وقتلي شهادة”.

تالله ما الدعـــــــــــــــــوات تهزم بالأذى

أبـــــــــــــــــــدًا وفي التاريــــــــــــخ بــــــــــــــر يــــــــميني

ضــع في يدي القيد ألهب أضلعي

بالسوط ضع عنقي على السكين

لن تستطيع حصار فكري ساعة

أو نــــــــــــــــــزع إيمـــــــــــــاني ونــــــــــــــور يــــــقيني

فالنــــــــور في قلبي وقــــــــلبي في يــــــــــــدي

وربــــــــــــــــــــــــي حـــــــــــــافظـــــــــــــــي ومـــــــــــــــــــــــــعيني

سأظــــــــل معتصمًا بحبل عقيدتي

وأموت مبتسمًا ليحيـــــــــــــــــــــا ديـــــــــــــني

أيها الإخوان المجاهدون:

إن اعتقال قيادات الإخوان لن يكسر عزائمنا، ولن يفت في عضدنا، ولن يوقف حراكنا، ولن يثنينا عن مواصلة الطريق الذي بدأوه رجالاً وحملوا الراية فيه بشرف، وحافظوا على ثوابت الجماعة ووحدتها وتماسكها ومنهجها ونصاعة تاريخها كما حافظوا علي سلمية الثورة المصرية وأبقوا رايتها مرفوعة حتى قضي الله تعالي أن يرفع درجاتهم باختبار آخر في سجون الظالمين. لن ندع الراية التي حملوها تسقط على الأرض، ولن نتخلى أبداً عن الأمانة التي ضحوا من أجلها، وسنبقي أوفياء لبيعتنا مع الله تعالي، وبيعتنا للعمل مع هذه الجماعة المباركة لإعلاء كلمة الله تعالي في العالمين. ونقول لإخواننا ما قاله ربنا سبحانه يستحث همم المؤمنين للعمل: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (التوبة: 105).

أيها الإخوان المجاهدون:

إن دعوتكم دعوة الحق والقوة والحرية، دعوة لن يطفئ نورها مكر الماكرين، ولن يوقف مدها ظلم الظالمين، وقد استخدم النظام الانقلابي سياسة فصل الرأس عن الجسد أو الفصل بين القيادات وبين الشباب لتفتيت وحدة الجماعة ودفعها إلي التطرف وتدميرها لكن هذه السياسة باءت بالفشل بفضل الله تعالي وتوفيقه ثم يقظة الشباب والقادة، وتقديم الجماعة باستمرار الكفاءات التي تحمل الراية في كل الظروف، وكلما جرف الانقلاب صفاً من القيادات وظن أن الجماعة ستنتهي بهذه الضربة يفاجأ باستمرار الجماعة منهجاً وفكراً وعملاً وتنظيماً، ﴿ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾ (النساء: 70). سنمضي على الدرب ونعمل بلا كلل حتى ترتفع راية الدعوة وتتحقق أهداف الثورة ويحصل الشعب المصري المظلوم على حقوقه وحريته.

أيها الإخوان المجاهدون:

حافظوا علي أخوتكم فهي سر قوتكم، وامضوا ولا تلتفتوا وتذكروا قول الإمام المؤسس رحمه الله: “إنكم لن تغلبوا أبدا من قلة عددكم ، ولا من ضعف وسائلكم ولا من كثرة خصومكم ولا من تألب الأعداء عليكم ولو تجمع أهل الأرض جميعا ما استطاعوا أن ينالوا منكم إلا ما كتب الله عليكم ،ولكنكم تغلبون أشد الغلب وتفقدون كل ما يتصل بالنصر والظفر بسبب إذا فسدت قلوبكم ولم يصلح الله أعمالكم أو إذا تفرقت كلمتكم واختلفت آراؤكم ..أما ما دمتم على قلب رجل واحد متجه إلى الله تبارك وتعالى ،آخذ في سبيل طاعته ، سائر نهج مرضاته فلا تهنوا أبدا ولا تحزنوا أبدا وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم” (مجموعة الرسائل) ولله الحمد من قبل ومن بعد. والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون والله أكبر ولله الحمد.