ثُم سألتني : ماذا تعرفين عن الحب ؟

ابتسمتُ وقلتُ في نبرةٍ هادئة :

– الحب هو حين وقع عبد الله بن عمر العابد الزاهد التقي في حب جارية له – و كانت تحلّ له في تلك الفترة – تعثرت يومًا في مشيتها فـ وقعت ، لم يحتمل الموقف وظل يمسح لها التراب عن وجهها بيديه قائلًا : ” فداكِ نفسي وروحي ” :))

– وحين يروي مسروقًا – أحد علماء الحديث – حديثًا عن عائشة فيقول ” عن الصديقة بنت الصديق حبيبة رسول رب العالمين “.

– الحب صغيرتي هو بُكاء أبو العاص بن الربيع على موت زينب رضي اللهُ عنها ، فيقول لرسول الله : ” واللهِ ما عدتُ أطيق الحياة بعد زينب “. ثم مات بعد موتها بسنة.
– هو قول جعفر بن أبي طالب لزوجته أسماء بنت عميس كلما رأها ” يا حبّة القلب ” ، وكانت هي تتحرى موضع قدمه لتضع قدمها مكانه ، وكيف لا ؟ والقلب يتبعُ القلب

– هو قوله صلى الله عليه وسلم ” أتغارين عليّ يا عائشة ؟ ” فتقول : ” ومالي لا يغارُ مثلي على مثلك يا رسول الله ! ” .

– حين كانت تحمل أسماء بنت أبي بكر النوى فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتركب خلفه تخفيفًا عنها ، و لأنها تعلم غيرة الزُبير بن العوام رفضت .. فجائت الزبير وقالت له : لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه فأناخ لأركب فاستحييت منه وعرفت غيرتك.
فقال : واللهِ لحملك النوى كان أشد عليّ من ركوبك معه “))

– وهو قول الرافعي رحمه الله : ” لا يصح الحب بين اثنين إلا إذا أمكن أن يقول أحدهما للآخر : يا أنا ” .

– الحب حين قال أبو السائب المخزومي ـ الذي يصفه ابن القيم بأنه من أهل العلم والدين – متعلقًا بأستار الكعبة : ” اللهم ارحم العاشقين وقوِّ قلوبهم ، واعطِف عليهم قلوب المعشوقين ”

واللهِ ما كان الحب بكثرة الوصل ، ولا بجميل الكلمات خلسة ، إنما الحب ما وقرَ في القلب وأبى الخروج إلا في كنفِ الله ، قد أفلح من اتخذ لذلك سبيلًا ، وقد خاب من رضي دونه بديلًا