ما بين سبع سنين

وما بين دعوة وتربية (1)

م/علاء فهمي

ندعو أن تستدرك، ونأمل أن تستأنف،

لا تلُم كفي إذا السّيف نبا ..

وما كان الله ليضيع إيمانكم ..

لا تحسبوه شرًّا لكم ..

لا تنزعج إذا نبّهك أحد .. وركّز على مضمون التذكير والنصيحة ولا تنشغل بالنيّات والملابسات ..

لا ثمّ جديد لمن يعايش ويعيش ، فالواقع أكثر صراحةً وصرامةً ، وأكبر ألمًا وأملا ، ووضوحًا ونضجًا ، وصخبًا وانتشارًا ..

كانت للمعارك الصغيرة والمتناهية الصغر أدوار كثيرة في الوصول إلى النتيجة ، بسبب تجاهل البعض لها ، أو تقليلهم من شأنها ، أو انغماسهم بإشعال الكثير منها من عند أنفسهم !! ، حتى لو بحسن نية أو زيادة حرص ..

ما تكلم عنه البعض هو بعض الجوانب السلبية لا كلها ، والتي يمكن الحديث بصددها ، وربما أجّل البعض أو اكتفى بالإشارة فقط لفداحة باقي الحديث وصدمته وتطرّقه إلى أغوار مؤلمة ، ولكنها الحقيقة التي يعايشها كل من يمارس في الميدان ، والتي يعيشها كل رب أسرة كبيرة أو صغيرة خاصة أو عامة ، وكل من يبحث عن الاستدراك ، وكل من يسعى إلى العلاج ، وكل من يعالج الواقع بحلوه ومرّه ..

ومن ثم فللعلاج لا للبكاء على اللبن المسكوب ، وللمواجهة لا للهروب ، وللمراجعة لا للتلاوم والعتاب ، وللتنبيه لا للوم والتقريع ، وللبحث والدراسة وتوزيع الأدوار لا للجدال وتوزيع الاتهامات ..

ليس منا مبرأ من تقصير ، وكذلك ليس منا من ليس له دور في التصدي والعلاج ، ولا ينتظرن أحد أن تقوم المؤسسات بكل شيء ، وليعتبر كلٌّ نفسَه مؤسسة قائمة بذاتها تخدم للهدف الكبير من ميدانها ، ويحاول أن تتكامل وتنسق مع الباقين ..

روايات السيرة سمّت لنا من ارتدّ مَنْ كتبة الوحي ، ومَنْ تنصّر من مهاجري الحبشة ، ومَنْ ومَنْ … ، ولم يؤثر ذلك على سمو الفترة ، ولا نقاء الدعوة ، ولا عظم الداعي صلى الله عليه وسلم ..

كان هناك في خضم أحداث الميادين من انتشروا ليبشروا بفكرهم الجديد ، غير عابئين بالحالة الثورية ونقائها وأهدافها ، فقد وجدوها المجال الأمثل للحركة التي لا يعرفها الجميع ولم ينتبه لها ، وربما لم يتوقف الكثيرون عندما أُعلن عن إحياء الحزب الشيوعي المصري المنحل عقب ثورة يناير ..

لم تكن ظروف خسارة الجولة أو إدارتها أو أطرافها هي السبب الوحيد ، بل هناك دائمًا الشيطان الذي لا ينام بحال ، ولا يترك فرصة لهزيمة أو خسارة إلا وأنشب فيها مخالبه رغبة في اختطاف غنم قاصية أو شاردة أو هائمة أو حالمة أو مذهولة من هول أو غريب وعجيب ما ترى !! ،

ومع ذلك فلا يُعفى من تقصير من غفل عنه لحظة أو سهى ..

ربما من يستعرض إعلانات الكتب المعروضة في معرض الكتاب ، والمنتشرة على مواقع التواصل ،  يدرك تنوع الهجمة ، وثقل المهمة ، وربما من يتابع الصفحات والمنتديات يدرك أن هناك آلافا مؤلفة مجندة تخدم الأفكار وتنشرها ، وأبسط نموذج سمعته من شاب أن البعض يتساءل في المنتديات الشبابية لمن يقرأ في سير الصحابة والتاريخ ، فدلّه كثيرون على إبراهيم عيسى !!

ربما لظروف أكثر تعقيدًا لن يستطيع البعض تسليط الضوء على الصور المشرقة لمن صنعت الأزمة منهم رجالا تغيرت نظرتهم للالتزام ورؤيتهم للصراع ، فتحوّلوا إلى واقع مبهج ، نسأل الله أن يحمل لنا الغد المشرق ، وهم – بحمد لله كثير – وليسوا غثاءً ،

منبثون بالداخل والخارج بأرض الله الواسعة ، شبابًا وفتيات ، بدون ضجيج أو طنطنة ، بدون إلقاء اللوم على الآخرين حتى لو كان لهم حق في ذلك ، لأن كثيرًا منهم يعتبر المعركة معركته ، ويجهّز نفسه لملاقاة ربّه فردًا بما عمل ..

يشغلهم عيبُهم عن عيب الناس ، وتغريهم نماذج الدعاة المهاجرة السابقة في أن يكرّروا الإنجاز ، يؤمنون بأن الفرج آت لا محالة ، وأن دورهم هو الجهوزية الكاملة لملاقاته على أحسن حال ، وتوظيفه لأحكم طريق ، كل في مجاله العلمي أو الدراسي أو الوظيفي ، وحتى في بنائه لأسرته الصغيرة التي يأمل من يكون نتاجها من يقرع أبواب الأقصى ، وبوابات روما !! ، وهو بعد ليس إلا مطاردًا بدينه ، في نفسه وماله ..

حتى أولئك الذين يتجرعون المحنة داخل الأسوار أو يعيشونها في بيوتهم بداخل مصر مرارات وعذابات يومية ، تستطيع أن ترى في وجوههم العزيمة والتحدي والثقة في رحمة الله ، متحولة إلى رضا بقدره ، وإيمانًا برحمته وفرجه ، يتنفسونها ليل نهار ، ويحولونها عملا وتربية وإعدادًا ليوم يشفي الله فيه صدور قوم مؤمنين ؛

وما ذلك على الله ببعيد ، وما ذلك على الله بعزيز.