ونحن في سيرنا إلى الله بقلوبنا نحتاج إلى إزالة العقبات التي تضعف المسير إلى الله؛ وأكبر هذه العقبات الذنوب؛ فالذنوب للقلوب كالسموم للأبدان. كما يقول ابن القيم رحمه الله: “حياة القلب بدوام الذكر وترك الذنوب، كما قال عبد الله بن المبارك رحمه الله:

رأيـــــت الذنـــــوب تميـــــت القلــــوب وقـــــــد يــــــورث الــــــذل إدمانهــــــا

وتـــــرك الذنـــــوب حيـــــاة القلـــــوب وخـــــــير لنفســــــــك عصيانهــــــــا

ويقول: “مما ينبغي أن يعلم أن الذنوب والمعاصي تضر، ولا بد أن ضررها في القلب كضرر السموم في الأبدان على اختلاف درجاتها في الضرر، وهل في الدنيا والآخرة شر وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي؟”

 ولأنه سبحانه يعلم من عباده الزلل والتقصير فقد جعل لعباده محطات للتنقية، فإن الماء إذا أصابه الكدر (التراب والشوائب) فإنه يدخل لمحطة التنقية لينقي من كل شيء، فالإيمان يحتاج أن ينقى ويصفى حتى يطهر القلب لله.

وهذا ما سماه ابن القيم في مدارج السالكين بالتمحيص وعرفه بأنه: تخليص إيمانه ومعرفته من خبث الجناية كتمحيص الذهب والفضة وهو تخليصهما من خبثهما ولا يمكن دخوله الجنة إلا بعد هذا التمحيص فإنها طيبة لا يدخلها إلا طيب ولهذا تقول لهم الملائكة {سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} وقال تعالى {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ} فليس في الجنة ذرة خبث.

محطات التنقية الأحد عشر:

أولا: -أربع محطات بالدنيا:

التوبة، والاستغفار، وعمل الحسنات الماحية، والمصائب المكفرة.

ثانيا: -وثلاث محطات بالبرزخ:

وكل شدائد القبر ظلمته ووحشته وسؤال الملكين يكفر الله بها من خطايا العبد المؤمن، والقبر فيه نعيم وعذاب وهذا العذاب قد يخفف عن صاحبه بتطهيره أو يرفع عنه بما يهدى إليه من أعمال من الأحياء، من صلاة أهل الإيمان الجنازة عليه، واستغفارهم له، وشفاعتهم فيه،

ثالثا: -وأربع يوم القيامة:

أهوال القيامة، وشدة الموقف، وشفاعة الشفعاء، وعفو الله عز وجل.

ونلتقي بتفصيل هذه المحطات في الحلقات القادمة إن شاء الله، وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.