التعرف على طبيعة الصراع بين الحق والباطل

إنّ ما يعين الداعية في زمن الفتن والابتلاءات وغربة الدين هو أن يتعرف على طبيعة المعركة الدائرة ؛ فهي معركة ليست وليدة اللحظة بل هي أزلية ومستمرة إلى قيام الساعة .

بدأت رحاها بين آدم عليه السلام وإبليس ، ثم بين هابيل وقابيل ، ثم بقي الصراع محتدم بين الحق والباطل يعلو الباطل وينتفش أحيانا ثم تكون العاقبة للحق وأهله حتى إذا ما ضعف أهل الحق انتفش الباطل من جديد.

لتثبت حقيقة أنَّ الصراع بين الحق والباطل هو سنة أقام الله عليها هذه الحياة، وأن الحياة لا يمكن أن يسودها الخير المطلق، بحيث تخلو من الشر، وبالمقابل لا يمكن أن تعاني من الشر المطلق بحيث لا يكون فيها قائم بالحق.

وهذه السُنَّة التي أقام الله عليها الحياة، تندرج في المحصلة في سُنة الابتلاء التي خلق الله العباد لأجلها ” الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ” فمن وقف في جانب الحق مدافعاً عنه ومنافحاً، يكون قد عمل عملاً حسناً. ومن وقف في جانب الباطل، ونافح عنه ودافع، يكون قد عمل عملاً سيئاً، .

الغلبة للحق

وهي قاعدة  قرآنية وحقيقة تاريخية بالغلبة دائما وأبدا للحق وأهله مهما علا الباطل وانتفخ يقول الله تعالى ” بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق “وقال تعالى ” وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ” ويقول أيضا ” ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته

أما تاريخيا فصفحات التاريخ مَلِيئَةٌ بحقيقة أنَّ العاقبة للحق وأهله  وأنَّ الخزي والهزيمة للباطل وحزبه ففرعون الذي علا وتجبر ماذا كان مصيره ومصير جنده وملاءه ؟ “فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين

 وكيف كان مصير موسى والمستطعفين من أتباعه ؟ ” ونصرناهم فكانوا هم الغالبين

وسيرة المصطفى ﷺ ومن معه كيف كانت البداية وكيف كانت النهاية وتاريخ أمة الإسلام على مر تاريخها كيف كان صعودها وكيف كان ضعفها وهبوطها

فإذا كان الأمر كذلك فعلى الداعية :ـ  

ـ أن لا يستسلم لأهل الظنون وضعاف الإيمان الذين يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية ، فيحسبون أن الله يرضى عن الباطل فيملي له في غيه، ويقبل بالشر ويرخي له العِنان أو يحسبون أن هذا الباطل حق، وإلا فلِمَ تركه الله يغلب وينتصر؟!

ـ أن لا يمتنع عن الاشتراك مع أهل الحق في مدافعة أهل الباطل لوجود تقصير في راية أهل الحق أو خطأ أو بدعة، فهذا مخالف للقاعدة الفقهية التي تقول باحتمال أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما

ـ أن لا يكون أقل حرصا من أهل الباطل على باطلهم فهم  حريصون عليه يدافعون عنه مستعدون للتضحيه من أجله .

ـ أن يأخذ بجميع الأسباب في نصرة الحق ولا يظن أنّ كونه على الحق يكون ضامناً له في تحقيق النصر دون سعي أو عمل، فيهمل في الاستعداد والعدة المأمور بها في قوله تعالى: “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ

وفي الختام على الداعية العامل لدين الله أن يتعرف جيدا على طبيعة المعركة التي يخوضها وأن يبذل كل جهد في دفع الباطل ؛ موقنا بنصر الحق مهما طال زمن الباطل والعاقبة عند ربك للمتقين .