علمتني غربتي أن أكثر السفر والترحال

علمتني غربتي أن أكثر السفر والترحال، وأن أجوب بلاد الله لا من أجل المتعة بل من أجل العبرة، ففي ترحالك وتنقلك بين البلاد تزويدٌ لها بخبرات ما كنت لتحصل عليها وأنت بين أهلك، وفي ترحالك وسفرك تعويدٌ لنفسك على تحمّل المسؤولية واستقلالٌ بذاتك، فغربتك ستذيقك من حلاوتها ومرارتها، وقد تكويك أحياناً بنارها، ولكنّ في ذلك تهذيباً لنفسك، وصقلاً لها…

ستلتقي في سفرك بأناس من جنسيات مختلفة، ما كنت لتلتقي بهم في بلدك، وستتعامل مع هؤلاء، وفي ذلك فرصةٌ عظيمةٌ لك للتكيّف معهم، وتعلّم فنّ التعامل مع الناس على اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم وأجناسهم، وذلك أمرٌ ليس بسهل، فكثيرٌ من الناس يعجزون عن التفاهم والتعامل مع أناس من جنسيات مختلفة، بل إن بعضهم يخشى حتى المحاولة!!

في غربتك ستلتقي بشخصيات كثيرة، وستقيم علاقات جيدة، وستحصل على فرص عظيمة، وستكتسب خبرةً ما كنت أبداً لتكتسبها لو لم تسافر.

سر في الأرض، وتعرّف على ثقافات الأمم، وإياك أن تسخر من عادات بلد من البلدان، أو أن تتكبر عليهم فتخبرهم أنّ عادات بلدك أفضلُ وأحسن، بل احترم عادات الشعوب كلها، فالله خلقنا شعوباً وقبائلَ لنتعارف.

علمتني غربتي أن لا أعيش بلا هدف

علمتني غربتي أن لا أعيش بلا هدف، وأن لا أعيش بمليون هدف، فمن عاش حياته بلا هدف كان كمن يفقد طريقه في الصحراء يتخبط هنا وهناك لا يعرف إلى أين المسير، ومن عاش حياته بالكثير الكثير من الأهداف ضاع في زحامها، وصار يجوب بينها، يحاول تحقيق هذا الهدف أو ذاك، ولكنه لن يستطيع، فقواه محدودة، والوقت مُدْرِكُه لا محالة.كل حلقة من حلقات مسلسل حياتك سترسمها أنت بريشتك التي لم تستخدمها حقّ الاستخدام بعد، ففكّر لمستقبلك ملياً، ضع نصب عينيك بضعة أهداف، واسعَ لتحقيقها، عليك بالإلحاح بالدعاء إلى الله عز وجل، وعليك بالمثابرة والكفاح دون كلل أو ملل، لربما تتعثر في الطريق، ولربما تسقط من علٍ ، فإن لم يكن سقوطك قاتلاً ولن يكون، فإنه سيكون السّلم الذي تخطو عليه أُولى خطواتك، وحينها، أحلامك التي لطالما بانت حتى ظننت أنها في عداد المستحيل ستصبح حقيقة، حقيقةً تعيش حلاوتها وأجمل معانيها، لأنك قد بذلت مجهوداً كبيراً في سبيل نيلها، فهنيئاً لك إن ذقت حلاوة النجاح…