علمتني غربتي أن أواجه مشاكل الحياة لا أنْ أهرب منها أو أخشى لقاءها، ففي هروبك من مرارة واقعك، ومن مشاكلَ قد تعترضك، دلالةٌ واضحةٌ على ضعف قدرتك على حل مشاكلك، وخوفك من عواقب تلك المشاكل.

حياة الإنسان لن تخلو أبداً من المشكلات، فإن بتّ أيها الإنسان تدير ظهرك لأي مشكلة تعترضك، وتغيّر مسار رحلتك إذا مرت بك أسراب قليلة من منغصات الحياة التي لا تنتهي، فاعلم أنك ستتأخر كثيراً في تحقيق أحلامك وطموحاتك وأهدافك، وقد لا تصل نهاية الطريق أبداً، فينتهي عمرك وأنت في منتصف الطريق!!

واجِه مشكلاتك بنفسك وحاول أن تحلّها بمفردك، ولا ضيرَ في أن تستعين بأحدهم إنْ دعتك الحاجة لذلك، واعلم أنّ في مواجهتك لمشكلاتك صقلاً لنفسك، فهكذا نفس، ستحمل فيما بعد شهادة خبرة في حلّ مشكلات الحياة، وستصبح مرجعاً لمن حولها من الناس يقصدونها كلما ضاقت عليهم دنياهم وأصابتهم بائسة.قد يصعب الأمر عليك في البداية، لكنّ الخبرة التي تكتسبها في بداية الطريق ستكون كفيلة لإكمال الطريق بسرعة وإنهاء المهمة على أفضل وجه، فمَن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة، هاجم مشكلاتك ولا تجعلها تبدأ الهجوم واحرص على أن تحمل نفسك شهادة الخبرة تلك

علمتني غربتي أن لا أحزن إذا أصابني مصاب أو حلّ بي بلاء، بل أقابل مصيبتي بالشكر والرضى والإقبال على الله عز وجل، فالمصيبة امتحان يمتحن الله عز وجل به عباده، فكن مؤمناً بقضاء الحكيم العليم وقدره، حتى تجتاز ذلك الامتحان.

وقد تكون مصيبتك إشارةً من الله عز وجل لك بأنك قد غرقت في ذنوبك ومعاصيك، فعندها عليك أن تفرح، لأن الله يحبّك، ويريد لك الهداية، فأقبل على الله نادماً تائباً.

لا تحزن لمصيبة أصابتك، فحزنك لن يرجع لك حبيباً فقدته أو مالاً خسرته، بل اجعل من خسارتك تلك انبزاغاً لفجر جديد، وميلاداً لأمل لا ينطفئ.

لا تحزن لمصيبة حلت بك، وانظر لمن حولك من الناس، سترى أنّ كلاً عنده مصاب، وكلاً عنده هموم، وستحمَد الله عز وجل على حالك، فمصاب غيرك قد يكون أقسى كثيراً من مصابك!!لا تحزن، وأقبل على رب العباد، فكم سيفرح بك، ادع الله عز وجل، واسجد في الليل والناس نيام، ضع جبهتك على الأرض واقترب من الله، أشكُ له عِظَم مصابك، وجدد العهد معه على الخير، ستنهمر دموعك، وستهدأ بعدها روحك، وسيشع في قلبك نور جديد يعيد إليه الأمل، فتبدأ الحياة من جديد…