مواقف من سيرة الشهيد : يوسف طلعت

(1) تعريف :-

 هو الأخ والمجاهد الصادق والجندي الملتزم والبطل الجسور يوسف عز الدين محمد طلعت .
 من مواليد مدينة الإسماعيلية بمصر سنة 1914 م .
 حصل على الكفاءة الأولى ثم عمل نجاراً ثم عمل في تجارة المحاصيل الزراعية .
 تفرغ للدعوة كان له نشاط كبير في الأعمال الجهادية .
 انضم إلى جماعة الإخوان سنة 1936 م على يد الإمام الشهيد .
 جاهد في فلسطين وأقض مضاجع اليهود والإنجليز .
 تميز بالجرأة والحنكة والدهاء وهدوء الأعصاب والصبر وطول النفس .
 رصد الإنجليز جائزة لمن يعثر عليه حياً أو ميتاً .

(2) انضمامه للدعوة : ـ

تعرف الشهيد على الإمام الشهيد حسن البنا عام 1936 م ومنذ ذلك الوقت ارتبطت حياته برسالة الإسلام الحق وحمل لوائها حتى أنه جاب المحافظات كلها وأنشأ الكثير من الشعب ووثق الروابط بين الناس .

(3) مبدع موهوب : ـ

 كان موهوباً من الله عز وجل حسن التصرف حيال الأزمات و يسرع في علاج المشكلات حتى أنه استطاع هو وإخوانه تصنيع السلاح والذخيرة والاستفادة من الأسلحة
التي كانوا يغتنمونها من العدو .

 وقد قاد الشهيد معركة ” دير البلح ” التي استشهد فيها ” 12 ” من الإخوان وأذهل الجيش الإنجليزي الذي طلب عقد هدنة .

– تتبعه رجال المخابرات البريطانية الذين كانوا يحكمون البلاد ورصدوا تحركاته ولكنه استطاع أن يخدعهم و يفلت من أيديهم ، فقد تصادف أنه كان يحمل كمية من البنادق للمجاهدين في فلسطين وكانت في جوالين وسط ” التبن ” و حملهما على بعير وتنكر في ثياب ريفية وعندما اعترضه الإنجليز و سألوه : من أين ؟ فقال : من المنطقة .. و إلى أين ذاهب ؟ فقال : إلى حظيرة ماشية … و ماذا تحمل ؟ قال : تبن للماشية أخذ بعض التبن من الجوال ووضعه للبعير وهو يربت على رقبته بينما هم يحيطون به يسألونه وهو رابط الجأش غير مكترث فانصرفوا عنه.

(4) جهاده : ـ

 في الفترة التي انضم فيها الشهيد إلى الإخوان كان الجو العام يدعو إلى الجهاد في فلسطين فكان هو من أول المبادرين .

 قاد معركة دير البلح و بعد عقد الهدنة أرادوا تسليم الجثث وحضرها قائد إنجليزي ولما تفقد الجثث وقف مذهولاً لأنه لاحظ أن جميع الإخوان مصابون في صدورهم ودار نقاش علم منه القائد الإنجليزي أن من صفات المؤمنين أن يُقبلوا في المعارك ولا يولون الأدبار فقال القائد الإنجليزي : ” لو أن عندي ثلاثة آلاف من هؤلاء لفتحت بهم الدنيا “.

 قاد قافلة الإمدادات لجيش المجاهدين في ” الفالوجا ” و قد اخترق خطوط اليهود بكل جرأة وكان جمال عبد الناصر ومجموعته من المجاهدين في الفالوجا .

 كان جُندياً بالفطرة و محارب بالسليقة وذا عقلية مبتكرة خلاقة لا تعجز عن إيجاد حل لأي قضية ويذكر في هذا المقام أنه استطاع أن يُشكل من أسطوانة فولاذية مثبتة على حامل أرضي مدفعاً يقذف به قنابل (مورتر) غنمها من العدو.

(5) روحه المرحة : ـ

وكان من أبرز صفات الشهيد أنه كان مرحاً خفيف الظل ذو دعابة حتى في أحرج المواقف:-

 ويذكر له أنه كان على رأس دورية قتال في فلسطين مهمتها القيام بأعمال قنص ضد حرس اليهود وحينما اقتربوا من برج حراسة وجدوا جندياً يهودياً وفتاة من المجندات في موقف عاطفي وهنا انبرى الشهيد يهمس لإخوانه أتدرون لماذا يفعلون ذلك فسكت الجميع فقال: إنهم يعرفون أننا الإخوان المسلمين نغض البصر عن هذه المنكرات فأرادوا بذلك أن يمنعونا من التجسس عليهم ، ثم قال نحن الآن أكثر من أربعة شهود ونستطيع أن نقيم عليهم الحد وأمر قناصته أن يُطلقوا عليهم النيران ، وكان يُسمع ضحكه في تبادل النيران .

 حينما كان ماثلاً أمام المحكمة الهزلية التي عقدتها الحكومة العسكرية التي حكمت عليه بالإعدام ، قال له جمال سالم رئيس المحكمة هل تعرف أن تقرأ الفاتحة بالمقلوب قال الشهيد نعم و تلا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم و أشار بيده إلى جمال سالم عند قوله ” الشيطان الرجيم ” وقرأ الفاتحة بوجه صحيح .

و حين سأله : إنت بتشتغل إيه ؟ أجاب فقال له : نجار . فقال له: كيف تكون رئيس جهاز فيه أساتذة الجامعة وأنت نجار ؟ فأجاب : إن نبي الله نوح كان نجاراً ، فسكت الرئيس .

وحين سأله : لماذا لا تستطيع الوقوف ؟ قال له : اسأل نفسك ، وكان قد تعرض لتعذيب شديد القسوة حيث كسروا عموده الفقري وذراعه وجمجمته ولم يكن هناك مكان في جسمه إلا وبه كسر أو جرح .

(6) من ميدان الجهاد إلى السجن : ـ

 اُعتقل الشهيد يوسف طلعت وإخوانه من ميدان الجهاد في فلسطين وأُقيم لهم مُعسكر اعتقال بإشراف الجيش المصري ثم نُقلوا إلى معتقل الطور وذلك سنة 1948 م .

 وفي عام 1954 م ومع حادث المنشية الشهير الذي دبره عبد الناصر بتخطيط المخابرات الأمريكية واقتراحها للتخلص من الإخوان كما ذكر حسن التهامي و هو من أعوان عبدالناصر، عندها قال يوسف طلعت ” لقد عملها عبد الناصر ” حيث كان الشهيد حينها مسؤول النظام الخاص .

 وتم اعتقال آلاف الإخوان زج بهم في السجون وعلى رأسهم يوسف طلعت وقد نالهم من التعذيب ما لا يصبر عليه إلا أصحاب العزائم من الرجال المؤمنين حيث تتقطع السياط على أجسادهم وتكسر عظامهم وتشج رؤسهم وتحرق جلودهم وتنفخ بطونهم ومنهم من يسقط من الإعياء تحت نيران التعذيب ومنهم من يلقى الله شهيداً تحت سياط التعذيب وكان من هؤلاء يوسف طلعت .

(7) يوم حزين : ـ

 في يوم حزين من أيام ديسمبر 1954م دخلت مدينة الإسماعيلية مصفحتان تحملان جثماني الشهيدين محمد فرغلي ويوسف طلعت بعد تنفيذ حكم الإعدام فيهما شنقاً وقد مُنع الناس من السير في جنازتيهما ووقفت حراسة على قبريهما لمدة ستة أشهر .

 وهكذا قطف اليهود والإنجليز والأمريكان ثمرة مساعداتهم التي قدموها لصنعتهم عبدالناصر بحصد رؤوس الدعاة إلى الله والمجاهدين في سبيله في فلسطين والقنال وقد أخزى الله عبد الناصر في الدنيا و سيلقى ما يستحق في الآخرة .

 أما ركب الدعوة الإسلامية فهو في صعود والدعوة باقية والأفراد زائلون وكلما مات سيد قام سيد .

” نسأل الله أن يتقبل الشهيد البطل الجسور يوسف طلعت و أن يدخله فسيح جناته مع النبيين و الصديقين و الشهداء و حسُن أولئك رفيقاً ” .