القلوب دائمة التقلب، يتنازعها قوتان هما: قوى الخير لإحيائها وتزكيتها، وقوى الشر لإمراضها وإماتتها، ويحتاج المؤمن إلى معرفة إلى أين يتجه  قلبه، ومن أي القلوب هو، وهل هو من أصحاب  القلوب التقية؟ وما هي علامات تقوى القلوب؟ حول هذه التساؤلات تدور هذه الخاطرة.

              لقد وضع أهل العلم والتربية الروحية بعض مؤشرات و علامات للقلوب التقية الطاهرة الحية المرضية التي تقبل الله منها الأعمال الصالحات وكتب الله الإيمان فيها وزينه فيها منها ما يلي:

أولا: استشعار خشية الله سبحانه وتعالى في كل الأعمال والأحوال والوجل منه، وأساس  ذلك  قوله تبارك وتعالى في وصف المؤمنين: ((  إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) )  ( المؤمنون: 57- 60).

ثانيا: تعظيم شعائر الله المفروضة والواجبة والمندوبة والمستحبة، والإقبال عليها لراحة القلوب، وأساس ذلك قول الله عز وجل: ((وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ )) ( الحج: 32 ).

ثالثا: انشراح الصدر وارتياحه واطمئنانه عندما يعمل المسلم  الصالحات، وأصل ذلك قول الله سبحانه وتعالى: ((أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ )) ( الزمر: 22 )، وقوله تبارك وتعالى: ((الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ )) ( الرعد: 28 )، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال رضي الله عنه: ((أرحنا بها يا بلال )).

رابعا: استشعار زينة الإيمان في القلب، وأساس ذلك قول الله تبارك وتعالى: ((وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ، فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)) (الحجرات: 7-8).

خامساً: المسارعة إلى عمل الخيرات والإقبال على الطاعات، وأصل ذلك قول الله تبارك وتعالى: ((إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونُ فِي الخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً )) (الأنبياء: 90 )، وقوله عز وجل: ((فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ )) ( البقرة: 148).

سادساً: حب مصاحبة الصالحين ليعاونون على تقوى الله، وأصل ذلك قول الله تبارك وتعالى: ((وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً)) ( الكهف: 28 )، ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي)).

ومطلوب من المؤمن أن يزيد من الطاعات والأعمال الصالحات، ويتجنب الفسوق والعصيان ويستشرف أثر ذلك على قلبه ومشاعره وجوارحه، وهل ازداد قلبه إقبالا على الله، وشرح صدره، وشفيت سقيمة قلبه، فإن كان كذلك فهو من الذين زادهم الله تقوى.