الدافعية والذاتية

م / ابراهيم ابوالسعود

لكون الذاتية مطلباً نفيساً وسمة غالية قل أن يتصف بها كثير من الناس كفيل بأن يجعل منها أمنية يتطلع لها كل أحد فهي كنز يحوي في معناه كل غال وثمين وكذلك هي نقطة قوة تنبثق منها كل خصال الخير وتنبعث منها كافة مكامن التأثير…..

مهما تكن قدرة المعلم والمربي على التوجيه والتأثير للتنفيذ قوية ومؤثرة فإنها لن تكون بنفس القوة والفاعلية لو كانت مستمدة من الذات بل إننا نستطيع أن نجزم أنه مهما كانت محبة المدعو لمن يدعُوه فإنها لن تثمر على المدى الطويل ما لم تكن الإستجابه منطلقة من محبة ورغبة ذاتية.

ولنا في نبينا محمد علية أفضل الصلاة وأتم التسليم خير قدوة في الذاتية والعطاء ولعل الشواهد في ذالك كثيرة ومنها أنه قد أتعب نفسه في إيصال الخير لأهل الطائف ومع ذلك فقد قابلوه بالأذى والحجارة فأدموه فداه أبي و أمي ومع ذلك فقد كانت ذاتيته التي قادته لدعوة القوم هي التي منعت جبريل من أن يطبق عليهم الأخشبين بل ويزيد على ذلك أنه سوف يبذل ذاته مرة أخرى فلعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله فكان له ما أراد.

لذلك فقد حرص الرسول الأعظم علية أفضل صلاة وأتم تسليم أن يجعل صفة الذاتية مطلب في كل من يختاره لصحبته رضوان الله عليهم فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقدم كل ما يملك للرسول طيبة بها نفسه من غير ما مسألة من أحد والشواهد على ذلك كثيرة لكن من أشهرها وأغربها أن يقوم الصديق رضي الله عنه في رحلة الهجرة وهم في الغار والنبي صلى الله عليه وسلم نائم فيقوم أبو بكر الصديق بوضع فخذه موطئً لرأس الرسول الكريم وإحدى رجليه تسد أحد مسامات الغار خوف من أن يلدغ منها الرسول فحدث ما خشيه الصديق ولدغت رجلة ولم يحرك ساكنا فأفاق الرسول على دمعات أبي بكر الصديق وهي تنحدر من خديه من شدة الألم.

فما هي الذاتية ؟ وما الذي نعنيه بضعفها ؟ وما صور ذلك ؟

وما هي الأسباب والمؤثرات وكيف يمكننا العلاج ؟

كلها أسئلة سوف أستعين بالله ثم بدعواتكم الصادقة لتقديمه كأوراق عمل أو إن شئت فقل ومضات علها أن تدل على الطريق

************

مفهوم الذاتية:

الذاتية هي أن يندفع الداعية لنمط من الأعمال، يحقق فيه إما نموا لذاته فيقربها إلى الله أو لدعوته فيكسبها رصيدا من الأتباع ، أو أن يجلب لها مغنما فيه إبداع و انتقاء ، أو أن يدراء عنها شر هي منه في عناء، وكل ذالك بدون تكليف أو متابعة من أحد إلا بل مبتغاة رضى ربه جل وعلا.

وذاتية المبادر تكون في انتهازه الفرصة في وقتها فلا يتركها حتى إذا فاتت طلبها، فالمبادر لا يطلب الأمور في أدبارها ولا قبل وقتها”د.المهلهل”.

أما ضعف الذاتية فهو تواكلٌ على الغير واعتماد على الآخر وتهرب من مسؤولية وعجز عن قبول أي تحدٍ .

فضعيف المبادرة قليل الجرأة لا يعمل إلا حين يكلف و إذا ما كلف لابد وأن يُتابع .

ومع ذلك فإن لضعف الذاتية صور ومظاهر علها أن تكون ورقتنا القادمة إن شاء الله والله من وراء القصد،،،

********
صور ومظاهر ضعف الذاتية و المبادرة:

1- يرى الخير أو الشر فلا يتفاعل معه حتى يطلب منه
2- غيري مسؤول و أنا منفذ
3- ما لم يطلب مني فلست بمحاسب ولا مسؤول
3- حب الروتين والتقليد
4- التعلق بالدنيا والخوف من العواقب
5- التحجج بضعف الملكات وعدم القدرة الكاملة على إنجاز أعمال ذاتية
6- النقد وتعقب الهفوات
7- الرضى بالواقع وعدم التطلع للأفضل
8- التقوقع في حيز العمل المطلوب منه وإهمال كل ما سواه

********
أسباب ضعف الذاتية:

ولعل تشخيص المشكلة وحصر مسبباتها هو الخطوة الأولى نحو العلاج ولذلك فإن هناك العديد من المؤثرات وبداخل كل مؤثر منها صور وأشكال عديدة ومن هذه المؤثرات مايلي:

البيئة والمجتمع

حب الدنيا والتعلق بها

حب التفلت من الإلتزامات والمسؤوليات (الغير ربحية)

محاربة أصحاب الأفكار والإبداعات

حب الروتين

المناهج الدراسية تركز على المادة المنهجية ولكنها عقيمة من التربية الأخلاقية والاجتماعية

البيت والتنشئة (مؤثر) :

1- التربية على حب الذات وقلت الاهتمام بالغير
2- التعود على الإتكالية
3- الترف
4- الخوف غير مبرر حيال إعطاء أي فرصة لإثبات النفس
5- الخوف من الفشل
6- التذرع بالكمال المفرط
7- قلت القدوات أو عدم إبرازهم و تقديمهم
8- ضعف القدرة على إستغلال الطاقات وتوظيف القدرات