إنَّ الرجلَ ليصحَب ذا الهمة العالية، والعزيمة الفتية، والطاعة القوية، والعقيدة السليمة، حتى ما يلبث أن تُرفع همته، وتَقوى عزيمته، وتَزيد طاعته، وتَسلم عقيدته.

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينـه *** فكل قرين بالمقارن يقـتدي 

وصاحب أولي التقوى تنل من تقاهم *** ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي

فالصاحب ساحب، والرفيق قبل الطريق، يقول النبي “الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ” . فمصاحبة الصالحين الذين يبتغون مرضاته ويسيرون على هديه هو أمر الله لنبيه ﷺ وهو أُسوة لغيره  “وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ” فجليسك الصالح يأمرك بالخير وينهاك عن الشر، ويسمعك العلم النافع، والقول الصادق، والحكمة البليغة، ويعرفك عيوب نفسك، ، وإن كان قادراً سد خلتك، وقضى حاجتك، ثم لا تحتاج بعد الله إلى سواه، إن ذكرته بالله طمع في ثوابه، وإن خوفته من عذاب الله ترك الإساءة، يجهد نفسه في تعليمك وإصلاحك إذا غفلت عن ذكر الله.

 لا تحلوا الحياة بدونهم يقول الشافعي: “لولا القيام بالأسحار وصحبة الأخيار ما اخترت البقاء في هذه الدار”.

فما أحلى من صحبة الصالحين.  هم من بصحبتهم لا تعرف خسارة “مثل الجليس الصالح كمثل العطار إن لا يحذيك يعبق بك من ريحه”.  وهم من بصحبتهم تشعر بحلاوة الإيمان  “وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ” وهم من بصحبتهم لا تعرف شقاوة “هم القوم لا يشقى بهم جليسهم”. وهم من بصحبتهم تنجو يوم القيامة  “المرء مع من أحب”. وهم من بصحبتهم تستظل بظل الله وَرَجُلانِ تَحَابَّا في اللَّه: اجتَمَعا عَلَيهِ، وتَفَرَّقَا عَلَيهِ“. وهم من بصحبتهم تجب لك محبة الله “وَجَبَتْ مَحبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فيَّ، والمُتَجالِسِينَ فيَّ، وَالمُتَزَاوِرِينَ فيَّ، وَالمُتَباذِلِينَ فيَّ”.

فيا فوز من ألزم نفسه صحبة الصالحين فسار منهم . وهنيئاً لهولاء الصالحين الذين تواصوا بالحق والصبر حتى دخلوا الجنة معاً                                        

 “وسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا”